الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة الترجي ينصّب نفسه على عرش الكرة التونسية: قوة شخصية وأرقام قياسية منحتا الزعامة لفريق باب سويقة

نشر في  07 ماي 2014  (11:11)

رغم أن نتائج الجولات الفارطة أثبتت هروبا مبكّرا للترجي الرياضي في سباقه نحو اللقب الذي غاب عن الفريق للموسم الفارط، الا أن الفرحة والاعلان الرسميين تأجّلا الى حدود الصفارة النهائية لمواجهة الأحد المنقضي ضد الاتحاد المنستيري والتي كانت بمثابة الاشهار الرسمي لاعتلاء الترجي لمنصة التتويج محليا للمرة السادسة والعشرون في تاريخ الأمجاد الكبير لشيخ الأندية التونسية.
ولئن يرى الكثيرون مجرّد خبر التتويج الترجي شأنا عاديا الا أن الحيثيات التي رافقته بعد جفاف تام للموسم المنقضي وتعدّد التقلّبات في فريق باب سويقة، كلها معطيات تثبت أن الفريق انتفض فعلا من رواسب موسم متقلّب الى أبعد الحدود تراكمت فيه العوامل لتحدّ من نجاح الأحمر والأصفر.
المهم وفي خضم هذه الاحتفالات فان الفريق أثبت بقيادة الداهية الهولندي رود كرول قوة شخصية كبيرة قلبت وجه الفريق بين الذهاب والاياب وهي من تقاليد وشيم الكبار.. والا ما كان ليتسنّى للترجي بلوغ هذه المرحلة بعد الخروج من دوري أبطال افريقيا ضد أورلاندو بيراتس ثم خسارة مؤلمة كرويّا ومعنويا ضد الافريقي في دربي الذهاب قبل اعادة الاستقرار تدريجيا الى المجموعة.
اللقب سيكون مجرّد رقم لا غير في أرشيف الفريق، لكن الكيفية التي حصل بها وخصوصا مع مرحلة اياب من الطراز العالمي تثبت أن أسامة الدراجي ورفاقه باتوا جاهزين للتكفير عن خسارة لقبين متتاليين من دوري الأبطال..في انتظار حصاد أفضل للنسخة القادمة انطلاقا من مواجهة وفاق سطيف المرتقبة في غضون عشرة أيام.
رقم قياسي "يزيّن" اللقب
من العوامل التي أعطت للقب بعدا كبيرا هو تزامنه مع رقم قياسي عالمي استأثر به الترجي الى حدّ اللحظة ويتمثل في عدم تعثّر المجموعة في أي لقاء كان منذ بداية سنة 2014
وهذا ما خوّل للترجي نيل بعد عالمي بمقل هذه الأرقام اذ حلّ "الأحمر والأصفر" في المركز الثامن والخمسون عالميا والأول افريقيا في الترتيب الدوري الصادر لحساب شهر أفريل عن الاتحاد الدولي للتأريخ والاحصاء التابع للفيفا..وهو رقم لا يخدع ويثبت أن الترجي انتهج فعلا -رغم كل ما أحاط به- طريقه القويمة...
أقدام صنعت الانجاز
اذا ما كان الجميع يشهد للترجي بأن استقراره الاداري والتنظيم الحاصل هو من العوامل المعبّدة للتتويج، الا أن ذلك لا يمكن أن يحجب بأي حال انجازات شخصية لبعض اللاعبين ممن تركوا بصماتهم في هذا التتويج، ومن أبرز الأسماء نشير الى الجوهرة الغانية هاريسون أفول الذي تصدّى لبعض النيران الصديقة ومحاولات العرقلة وأثبت دولي منتخب غانا أنه مازال محافظا على نفس التوهّج الذي رافق قدومه الى "الحديقة ب" ذات صائفة منذ خمس سنوات..
علاوة على أفول، أظهر الحارس الدولي معز بن شريفية أنه اكتسب الكثير من خصال العمالقة على شاكلة الواعر وتيزيي وغيرهم ممن تكفّلوا سابقا بحراسة أخشاب الترجي بأمانة، وها أن بن شريفية حافظ على تألقه ثم الأهم تواضعه مقارنة بعدد من نجوم الورق ممن انتفخوا شكرا وثناء فاستحالوا هباء منثورا..
الدراجي بدوره استعاد بعضا من عافيته المفقودة قبل رحلة سيون..ولكن الترجيون ينتظرون منه الكثير في دوري الأبطال كما هو شأن نجانغ الذي برز بصفة مناسبتية ..دون أن نغفل عن حسين الراقد وخالد المولهي الذان شهد مردودهما ثباتا واستقرار يعدّ من العوامل التي صنعت الفارق للأحمر والأصفر..
أسماء تعد بالكثير..
اضافة الى من سبق ذكرهم والذين فرضهم مردودهم المتميّز، لا بد من الاشارة أيضا الى بارقة أمل أشعّت من مردود بعض الأسماء كهيثم الجويني وخالد الغرسلاوي رغم تأثير الاصابات..ولكن المؤشرات المقدّمة تبعث بموجات ايجابية للأحباء تتطلب التأكيد.
وأخرون أمام حتمية التدارك..
في الأثناء وحتى لا تغطّي نجاحات البعض على نقاط تتطلّب التدقيق والمراجعة، لا بد من العودة الى الأداء المتذبذب لبعض الأسماء المطابلة بمراجعة حساباتها وعلى رأس القائمة يأتي سامح الدربالي ومعه خليل شمام اللذان قد يكون للارهاق والاستنزاف دور في هبوط أدائهما أحيانا، لكنهما مطالبان -في حال تسوية ملف العقود- بمضاعفة السرعة والعودة الى ما كانا يقدّمانه..
بعيدا عن الارهاق، فان هناك أسماء أخرى أرقت الجماهير بتذبذب مردودها ومنها محمد علي المهذبي الذي بالغ في الخروج عن النص، كما أن العكايشي لم يستقر على حال رغم التحسّن النسبي في المردود..واضافة الى هؤلاء فان "الايهابان'" ونعني بهما المباركي والمساكني مازالا يتحسّسان ثوابتهما ولا بد من تدارك سريع حتى لا يتعثّر الحساب لاحقا مع اطار فني لا يرضى بأنصاف الحلول..
الهيئة "صمّام الأمان"
عود على بدء، نشير الى أن الترجي تسنّى له تجاوز اللخبطة الحاصلة وتذبذب النتائج بفضل ادارته الصلبة والتي لم ترضخ للمناورات والضغوطات التي طالبت مرارا مثلا باقالة ماهر الكنزاري الذي صبرت عليه الهيئة -رغم اعترافها لاحقا بخطأ انتدابه من الأصل- علاوة على الاحاطة الجيدة باللاعبين وشحذ هممهم قصد تحفيزهم على الانتصارات..
في الترجي أيضا لا بد من الاعتراف بأن السيولة المادية التي وفّرها حمدي المدب للفريق جعلت المجموعة تبتعد عن هواجس لاحقت لاعبي الفرق الأخرى وكبّلت نجاحهم، علاوة على أن التناغم الحاصل و"الأوتوماتيزم" بين المدب وعضده الأيمن رياض بنور -صاحب المهمات الصعبة- هو أمر وفّر على الترجي الكثير من الاشكالات التي تعترض بقية المنافسين ممن تعدّد مسؤولوهم وتباينت مواقفهم وتصريحاتهم وهذا ما لا نجده مثلا في الترجي الذي اكتسب شخصية ادارية صلبة على امتداد ستّ سنوات من العمل بين المدب وبنور بشكل جعل بقية تركيبة الهيئة أمرا ثانويا لدى الجماهير لا فائدة في البحث فيه أو الشقاء في التعرف عليه..
الانضباط كلمة السر
عامل أخر وفّر لشيخ الأندية تيسير طريق التتويج وهو الانضباط الذي أغرق المنافسين في مشاكل عديدة فتحت باب التتويج على مصراعيه لفريق باب سويقة.
الترجي في نسخته الحالية أشهر عصا الطاعة ولم يتوان في معاقبة بعض اللاعبين جهرا كالبلايلي والعكايشي والمهذبي..وأخرون سرّا وكان الغرض من هذه العقوبات هو الحفاظ على روح المجموعة وتقاوة أجوائها ..وهذا من أهم سبل النجاح التي نصّبت الترجي بطلا على عرش الكرة التونسية في انتظار حصاد "السافاري" الافريقية في صائفة ساخنة الى أبعد الحدود...

طارق العصادي